هل يمكن علاج الصرع بعملية جراحية؟ الدليل الشامل لعام 2025
يعيش ملايين الأشخاص حول العالم مع مرض الصرع، وهو اضطراب عصبي مزمن يجعل العلاج الفعال أولوية قصوى. بينما تسيطر الأدوية على النوبات لدى معظم المرضى، يبقى هناك تساؤل مهم يطرحه الكثيرون: هل يمكن علاج الصرع بعمليه جراحية؟ الإجابة المختصرة هي نعم، فالجراحة أصبحت خيارًا علاجيًا واعدًا ومغيرًا لحياة العديد من المرضى الذين لا تستجيب حالتهم للعلاجات الدوائية التقليدية. في هذا المقال، نستعرض كل ما تحتاج لمعرفته حول جراحة الصرع كخيار علاجي متقدم.
متى تصبح الجراحة خيارًا مطروحًا لعلاج الصرع؟
لا تعتبر الجراحة الخيار الأول لعلاج الصرع، بل يتم اللجوء إليها بعد استيفاء شروط محددة. أهم هذه الشروط هو ما يُعرف بـ "الصرع المقاوم للأدوية" أو "الصرع المستعصي". يحدث هذا عندما يفشل المريض في الاستجابة بشكل كافٍ لنوعين أو أكثر من الأدوية المضادة للصرع بجرعات مناسبة.
يتم تقييم المريض بدقة لتحديد ما إذا كان مرشحًا مناسبًا للجراحة، وتشمل معايير الترشيح ما يلي:
أشهر أنواع جراحات الصرع وفعاليتها
مع تطور التكنولوجيا الطبية، ظهرت عدة أنواع من العمليات الجراحية لعلاج الصرع، يتم اختيار النوع الأنسب بناءً على حالة المريض وموقع بؤرة النوبات.
1. جراحة الاستئصال (Resective Surgery)
تعتبر جراحة الاستئصال هي النوع الأكثر شيوعًا ونجاحًا. يقوم الجراح خلالها بإزالة الجزء الصغير من الدماغ الذي تنشأ منه النوبات. أكثر أنواعها شيوعًا هو استئصال الفص الصدغي، حيث تحقق هذه الجراحة نسبة نجاح عالية جدًا في إيقاف النوبات تمامًا لدى العديد من المرضى.
2. قطع الجسم الثفني (Corpus Callosotomy)
هذه الجراحة لا تهدف إلى إزالة بؤرة الصرع، بل إلى قطع حزمة الألياف العصبية التي تربط بين نصفي الدماغ (الجسم الثفني). هذا الإجراء يمنع انتشار النوبات من جانب واحد من الدماغ إلى الجانب الآخر، وهو فعال بشكل خاص في علاج النوبات السقوطية (Atonic seizures) التي تسبب سقوطًا مفاجئًا وإصابات.
3. التحفيز العميق للدماغ (DBS) وتحفيز العصب المبهم (VNS)
تندرج هذه التقنيات تحت مسمى "التعديل العصبي" (Neuromodulation). لا يتم فيها إزالة أي جزء من الدماغ، بل يتم زرع جهاز صغير (شبيه بمنظم ضربات القلب) يرسل نبضات كهربائية منتظمة إلى مناطق محددة في الدماغ أو إلى العصب المبهم في الرقبة. هذه النبضات تساعد على تقليل وتيرة وشدة النوبات بشكل ملحوظ، وهي خيار ممتاز للمرضى غير المؤهلين لجراحة الاستئصال.
ما هي نسبة نجاح جراحة الصرع؟
تختلف نسبة النجاح بشكل كبير اعتمادًا على نوع الجراحة، موقع بؤرة الصرع، والحالة الصحية العامة للمريض. بشكل عام، يمكن أن تحقق جراحات الاستئصال، خاصة استئصال الفص الصدغي، الشفاء التام من النوبات (seizure-free) لدى ما يقرب من 60-70% من المرضى. أما بالنسبة لتقنيات التعديل العصبي، فإن الهدف الرئيسي هو تقليل عدد النوبات بنسبة 50% أو أكثر، وهو ما يمثل تحسنًا هائلاً في جودة حياة المريض.
الاستعداد للجراحة والمخاطر المحتملة
قبل اتخاذ قرار الجراحة، يخضع المريض لتقييم شامل ومكثف لتحديد مكان بؤرة الصرع بدقة وتقييم الوظائف الدماغية. تشمل هذه الفحوصات تخطيط أمواج الدماغ (EEG) المطول، والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan).
مثل أي عملية جراحية كبرى، تنطوي جراحة الدماغ على بعض المخاطر مثل العدوى، والنزيف، وردود الفعل تجاه التخدير. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر محتملة تتعلق بالتأثير على الذاكرة، أو اللغة، أو الرؤية، ويعمل الفريق الطبي المتخصص بجد لتقليل هذه المخاطر إلى أدنى حد ممكن.
في الختام، الإجابة الواضحة على سؤال هل يمكن علاج الصرع بعمليه جراحية هي نعم، إنها تمثل بصيص أمل حقيقي وفرصة لحياة أفضل للمرضى الذين لم يجدوا حلًا في الأدوية. القرار يتطلب تقييمًا دقيقًا ونقاشًا مستفيضًا مع فريق طبي متخصص في جراحة المخ والأعصاب وعلاج الصرع لتحديد الخيار الأنسب لكل حالة على حدة.
```
تعليقات
إرسال تعليق